حدثنا عون بن سلام الكوفي أخبرنا زهير عن سماك عن جابر بن سمرة قال
أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قتل نفسه بمشاقص فلم يصل عليه
صحيح مسلم بشرح النووي
قوله : ( أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قتل نفسه بمشاقص فلم يصل عليه )
المشاقص : سهام عراض , واحدها مشقص بكسر الميم وفتح القاف , وفي هذا الحديث دليل لمن يقول : لا يصلى على قاتل نفسه لعصيانه , وهذا مذهب عمر بن عبد العزيز والأوزاعي , وقال الحسن والنخعي وقتادة ومالك وأبو حنيفة والشافعي وجماهير العلماء : يصلى عليه , وأجابوا عن هذا الحديث بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل عليه بنفسه زجرا للناس عن مثل فعله , وصلت عليه الصحابة , وهذا كما ترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة في أول الأمر على من عليه دين زجرا لهم عن التساهل في الاستدانة وعن إهمال وفائه , وأمر أصحابه بالصلاة عليه فقال صلى الله عليه وسلم : " صلوا على صاحبكم " . قال القاضي : مذهب العلماء كافة الصلاة على كل مسلم ومحدود ومرجوم وقاتل نفسه وولد الزنا . وعن مالك وغيره : أن الإمام يجتنب الصلاة على مقتول في حد , وأن أهل الفضل لا يصلون على الفساق زجرا لهم . وعن الزهري : لا يصلى على مرجوم , ويصلى على المقتول في القصاص . وقال أبو حنيفة : لا يصلى على محارب , ولا على قتيل الفئة الباغية . وقال قتادة : لا يصلى على ولد الزنا . وعن الحسن : لا يصلى على النفساء تموت من زنا ولا على ولدها . ومنع بعض السلف الصلاة على الطفل الصغير .
واختلفوا في الصلاة على السقط , فقال بها فقهاء المحدثين وبعض السلف إذا مضى عليه أربعة أشهر , ومنعها جمهور الفقهاء حتى يستهل وتعرف حياته بغير ذلك .
وأما الشهيد المقتول في حرب الكفار فقال مالك والشافعي والجمهور : لا يغسل ولا يصلى عليه , وقال أبو حنيفة : يغسل ولا يصلى عليه , وعن الحسن : يغسل ويصلى عليه . والله أعلم .