لا تكن ودودا, فهذا زمن الحقد.
لا تكن وفيا, فهذا زمن الغدر.
لا تكن نقيا, فهذا زمن الوحل.
لا تكن عاطفيا, فهذا زمن الجليد.
لا تكن موهوبا, فهذا زمن التافهين.
لا تكن قمة, فهذا زمن الحضيض.
لا تكن شجرة, فهذا زمن الفؤوس.
لا تحن على طفل,
فهذا زمن العجزة و المسنين.
لا تغث ملهوفا, فهذا زمن الابواب المغلقة.
لا تستجر بصديق او جار او قريب, بقصيدة او لوحة, بجد
او جدة, فهذا زمن المتنكرين.
لا تصدر اي صوت ولو في دورة المياه, فهذا زمن الوشاة
والمخبرين.
ثم لا تقطع صلتك بقاض
فقد تصبح متهما.
بمتهم.. فقد يصبح حارسا.
بحارس.. فقد يصبح لصا.
بلص.. فقد يصبح ثريا.
بثري.. فقد يصبح متسولا.
بمتسول.. فقد يصبح رصيفا.
برصيف.. فقد يصبح حذاء.
لا تقطع صلتك بشيء, فاي شيء قد يصبح كل شيء.
ولكن, الانسان الذي لا يستطيع
إلا أن يكون ودودا ووفيا
وبريئا وشامخا وطفلا ماذا يفعل?
هل يبقع ثيابه بالوحل ويموه راسه بالحشائش والاغصان,
ويختبيء في الكهوف وشعاب الجبال?
لن يكون اكثر براعة وخبرة من غيفارا.
هل يلجا الى الأديرة وبيوت الأولياء?
لن يكون أحسن حظا من البابا شنودة.
اذن,
لا مفر لنا
من ان نظل ودودين واوفياء,
وعاطفيين
وصادقين وشامخين.
سنظل أبرياء ولو بقوة الرصاص.
فمهما كانت السيوف
طويلة لن تكون بطول الزمن.
فلقد رأينا وقرأنا عن
الكثير من الأقدام المغلولة الحافية تحت لهيب الصحراء
وهي تدوس على ظلال المنتصرين.
ولكن انا المصري ابن الوطن المرقع
بألف طاغيه
لا وطن لي.
أنا الهائم في البحار العربية
كبقعة الزيت العائمه,
كل
الشواطئ ترفضها ومعظم الدول تطاردها وتتعقب آثارها..
اين استقر?
مصر
ليس لي أطفال, أنت طفلتي.
ليس لي اصدقاء, أنت صديقتي.
ليس لي تاريخ, انت تاريخي.
ليس لي مستقبل, انت مستقبلي.
انت المشيمة التي تربطني بما تبقى من سحر الوطن والعروبة
ومن متعة النوم
والاستيقاظ, والتدخين والمناقشة.
ولكن,
كيف أراك وقد سملوا عيني?
كيف أصل إليك
وقد بتروا قدمي?
كيف أشم رائحتك
وقد جدعوا انفي?
كيف أعانقك
وقد أوثقوا يدي?
كيف انطق باسمك
وأكياس الرمل حول فمي?
يا الهي!
امنحني قوة الفولاذ ورقة الفراشة.
جمود الحجر ومرونةالراقصة
لأعبر يومي بسلام.
امنحني عقل اينشتاين لاستوعب ما يجري على الساحة العربية.
وجسد شمشون لأتحمل ما يجري.
امنحني غباء الاوزة لأصدق ما أرى.
وبراءة جان دارك لاؤمن بما اسمع وارى.
امنحني ارجل العنكبوت لأتعلق أنا وكل رجال مصر بسقف
الوطن لتمر هذه المرحلة.